مقال بعنوان الإدارة الإلكترونية وتأثيرها في تقليص الفساد الإداري للمستشارة هدي الاهواني _ نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية نشر بلغة العصر مجلة الأهرام بتاريخ 19/1/2018
الإدارة الإلكترونية ضرورة حتمية تسعي إليها كل دولة تريد أن تواكب تطورات عصر الثورة التكنولوجية, حتى لا تتخلف عن مسايرة النهضة المعلوماتية, ولإدراكها عما ستجنيه من نفع سيعود علي كافة مرافقها العامة, مما يجعل السعي إليها من الضرورات, إذ من شأنه سرعة الإنجاز, وتخفيض التكاليف، وتبسيط الإجراءات, فضلًا عن تحقيق الشفافية في الإدارة ومكافحة الجرائم الوظيفية, فالفساد الإداري يعد مشكلة عالمية، يترتب عليها نتائج وخيمة في جميع نواحي الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والثقافية، والدينية، على حد سواء. فالفساد يعوق معدلات النمو الاقتصادي، ويضعف الثقة في المنظمة العامة, ويضعف مكانة السلطة السياسية والإدارية بالدولة .
وتقول المستشارة هدى الأهواني، نائب رئيس هيئة بالمكتب الفني بالنيابة الإدارية: إن الفساد الإداري هو سوء استعمال السلطة لأغراض خاصة, أو استغلال الموارد العامة للمكاسب الخاصة ضد المصلحة العامة، مما يتعارض مع أهداف المنظمة العامة, وممكن وصفه بأنه سلوك ينحرف عن الواجبات الأساسية للعمل، وعدم قصوره علي قطاع معين, وإنما قد يمتد إلى كافة القطاعات بالدولة، أو الإقليم، حسب حجم ونوع هذا الفساد. وهناك ما يسمي المستشارة هدى الأهواني بالفساد الكبير، الذي يقع من كبار الموظفين, وفساد آخر ممن يتعاملون مع الجمهور بصفة يومية, مثل إعطاء هدية للحصول على رخصة قيادة, أو وضع اليد علي المال العام, أو الحصول علي وظائف للأبناء أو الأقارب في الجهاز الوظيفي, وأكثر أشكال الفسادانتشارًا السرقة, والرشوة في السوق السوداء, والتزوير, وإفشاء الأسرار العامة, وعدم الأمانة, والمحسوبية, وبعض هذه الأشكال قد تكون مقبولة في بعض المجتمعات, ولكن بعضها الآخر مثل السرقة، والتزوير ،مرفوض في جميع المجتمعات، وتسعي الدولة بكل جهودها لرصد تلك الجرائم ومحاولة تقليصها.
ولعل أخطر ما ينتج عن ممارسات الفساد، هو ذلك الخلل الجسيم الذي يصيب أخلاقيات العمل، وقيم المجتمع, مما يؤدي إلي شيوع حالة ذهنية لدي الأفراد تبرر الفساد، وتجد له من الذرائع ما يبرر استمراره, ويساعد في اتساع نطاق مفعوله في الحياة اليومية, حتى تلاحظ أن (الرشوة), و(العمولة), و(السمسرة)، أخذت تتفاقم بشكل تدريجي، حتى باتت من ضمن المعاملات اليومية المعتاد عليها.
وفي غمار كل هذا يفقد القانون هيبته في المجتمع, لأن المفسدين يملكون تعطيل القانون, وقتل القرارات التنظيمية في المهد, وعندما يتأكد للمواطن العادي, المرة تلو المرة, أن القانون في سبات عميق, وأن الجزاءات واللوائح لا تطبق ضد المخالفات الصريحة، والصارخة لأمن المجتمع الاقتصادي، والاجتماعي،
ستهتز ثقته في هيبة القانون، وفي المجتمع، وسلطانه, بحيث تصبح مخالفة القانون هي الأصل، واحترام القانون هو الاستثناء. وحتى يتم تقليص آثار الفساد الإداري؛ كان ولابد من جهاز الدولة تحويل إدارتها للإدارة الإلكترونية، لسرعة أداء الخدمات للعملاء مع الحفاظ على جودتها, ونقل الوثائق إلكترونيًا بشكل أكثر فاعلية, مما يساعد علي تقليل التكلفة نتيجة تبسيط الإجراءات, وتقليل المعاملات، وتخفيض وقت الأداء, وتقليل الحاجة إلي العاملين القائمين بأداء الخدمة، وخاصة ما يتعلق بالمعاملات الورقية، مع تخفيض الأخطاء, وتقليل المخالفات، نظرًا لسهولة ويسر النظام ودقته, وتقليل تأثير العلاقات الشخصية علي إنجاز الأعمال، مما يساعد علي الارتقاء بخدمة المواطنين من حصولهم على الخدمات في كل وقت, ودون التحيز بين المنتفعين بالخدمات العامة، عن طريق اتباع إجراءات محددة منصوص عليها في نظام الإدارة الإلكترونية